الرسالة 6 : خلاصة الفتوى الشرعية بما تضمنته من
آثار البغي –الخروج على الأمة وحاكمها- في قطاع غزة / فلسطين
فتوى في نتائج الصراع والاقتتال الدائر بين
فتـح وحمـاس وما تبعه من خروج – بغي / إنقلاب – على الأمة وحاكمها :للشيخ / محمد بن سلمان بن حسين أبو جامع .* الرسالة السادسة :
خلاصة الفتوى الشرعية بما
تضمنته من آثار البغي –الخروج على الأمة وحاكمها- في قطاع غزة / فلسطين :
الجزء الثاني :
وأما بالنسبة لثالثا : وهي الفتوى في
الآثار الفقهية التى أحدثتها فتنة البغي :
فإن السؤال الكبير بعلاماته الاستفهامية والتعجبية فيقول ماذا يسمي هؤلاء
البغاة هذا الذي قاموا به في غزة ؟! ، وماذا يسمى القائمون به ؟! هذا من
ناحية ومن أخرى فهل يعقل لمن أراد أن يغير وأن يصلح أن يعطي مثلا أسوأ من
المُغَيّر والمُصْلح ؟! تالله إن هذا لشيء عجاب !! فربما نفى القائمون
بفتنة البغي –الخروج على الإمام – هذه التسمية بل وكذا نفوا أن يكون
إنقلابا ولم لا يكون كذلك وقد سجل أشياخهم في أس فكرهم ذلك وهذه كتابات سيد
قطب تشهد بذلك ومما كتب :"…
لعلك تبينت مما
أسلفنا آنفاً أن غاية الجهاد في الإسلام هي هدم بنيان النظم المناقضة
لمبادئه وإقامة حكومة مؤسسة على قواعد الإسلام في مكانها واستبدالها بها.
وهذه مهمة إحداث انقلاب إسلامي عام - غير منحصر في قطر دون قطر ، بل مما
يريده الإسلام ويضعه نصب عينيه أن يحدث هذا الانقلاب الشامل في جميع أنحاء
المعمورة ، هذه غايته العليا ومقصده الأسمى الذي يطمح إليه ببصره إلا أنه
لا مندوحة للمسلمين أو أعضاء الحزب الإسلامي عن الشروع في مهمتهم بإحداث
الانقلاب المنشود والسعي وراء تغيير نظم الحكم في بلادهم التي يسكنونها "
ظلال القرآن/ جزء 3- صفحة 1451 طبعة دار الشروق ، بل والأدهى من ذلك أنهم
سموه تغيرا وإصلاحا – تصحيحا ، حسما – لوضع كانوا يرونه غير صحيح لأنه لا
يليق بالدين ولا بالأمة ولا بالوطن كما يقولون ، فماذا كان صنيعهم ؟ أمن
التغير والإصلاح أن يقتل المسلم أو يعذب على انتمائه ؟! أم من التغير
والإصلاح أن يكفر المسلم ؟! أم من التغير والإصلاح أن يروع الناس في
طرقاتهم وبيوتهم وأرضهم وأماكن عملهم ؟! أم من التغير والإصلاح أن تهدم
مؤسسات الأمة وتنهب محتوياتها ؟! أم من التغير والإصلاح هدم بيوت آحاد
–أفراد- الأمة ؟! أم من التغير والإصلاح نهب أموال الأمة كالسيارات وغيرها
بزعم أنها حكومية حيث يتمتع بها المُغَيِّرون والمصلحون ؟! فلماذا إذن نهب
كل ما في المؤسسات من أثاث وفرش وأجهزة تلفزيون وحواسيب وطابعات أهي غنائم
للمغيرين والمصلحين لأنها معركة بين الكفر والإيمان وليست أموال أمة ؟! وقد
رؤي أحد الصالحين في المنام بعد موته فقيل له:" ما فعل الله بك ، قال:
خيرا ، غير أني محبوس بباب الجنة بإبرة استعرتها ولم أردها " أخرجه /
الهيتمي ، أم من التغير والإصلاح عدم الوفاء بما عاهدوا الناس عليه من
إقامة الإسلام وتطبيق مبادئه ؟! أم من التغير والإصلاح عدم الوفاء بأيمان
قطعها رئيس الحكومة المقالة أمام إمام المسلمين في هذا البلد ؟! والله إن
المسلم في حيرة من أمره ، كيف يعيبون على غيرهم صنيعهم الذي قاموا به والذي
يدعي هؤلاء البغاة أنهم ما قاموا إلا لتغيره وإصلاحه ، فكان سلوكهم أشد
وأقزع ، بل يا ليته كان مثل الذي عابوه على غيرهم ، قال الشاعر :
لا تنهى عن خلق وتأتي مثله
***** عار
عليك إذا فعلت عظيم
كيف لا ومنذ الساعات الأولى يظهر أحد مستشاري الإنقلاب على قناة الجزيرة
القطرية ليعلن أن النية غير واردة في إقامة إمارة إسلامية في غزة ، ونحن
نعلم أن من يسمون بالإخوان المسلمين الذين ينتمي إليهم البغاة في غزة يحنون
ومنذ تأسيس حركتهم قبل تسعين(90)عاما إلى إقامة ما يسمى دولة إسلامية
بمواصفاتهم الحزبية الحركية فلم يتمكنوا من ذلك لفكر وسلوكيات هم أعلم بها ،
إلا أن أبناء انتمائهم في غزة حققوا لهم ذلك ، وأين وا حسرتاه؟! وأين تحت
الاحتلال!! وعلى أرض محتلة ، ومن هنا كان تعاطفهم مع أبناء حركتهم في غزة
لأنهم كما قلنا حققوا لهم بعض حلمهم أو على الأقل بعض حلم اليقظة الذي
يراودهم منذ ذلك الزمان !!! إذن فلماذا قاموا ؟! والدستور هو الدستور،
والأنظمة التي كان يعمل بها قبل البغي كما هي ، والمحاكم النظامية كما
هي!!! بل مما زاد الطين بلة أنهم وظفوا لها مزيدا من وكلاء النيابة
والعاملين ووفروا لها الأمن والحراسة !!! إلخ .
إذن فالذي قاموا به بغي لا نتورع عن القول به ، بل هو إنقلاب بتفسير قادة
فكرهم بعيدا عن مفردات ومصطلحات الشريعة الغراء التي وضعها العلماء
العاملون ممن سبقوا ، ذلك أن علماء المسلمين من أهل السنة والجماعة الذين
يهمهم أمر المسلمين ويأخذ بفتاهم – لا فصيل ولا حركة ولا جماعة ولا حزب –
أجمعوا على ذلك ، اللهم إلا علماء الفتنة من أتباع الجماعات والحركات ،
ولذا فإنني لم أسمع أن علماء المسلمين أجازوا ذلك صراحة حتى فيما يسمى "
باتحاد علماء المسلمين" المحسوم للإخوان
المسلمين الكائن بمقره في لندن / بريطانيا وإلا فلماذا هم ساكتون ؟ ،
لا يفتون بالبغي والخروج على حكام المسلمين في
البلدان التي يقيمون فيها ، لأنهم يعلمون أن من هو أعلم منهم من العلماء من
أهل السنة والجماعة يحرمون ذلك "البغي" على الحاكم ما لم يأمر بكفر
بواح فيه من الله برهان ، أو يعطل معلوما من الدين بالضرورة ، بل إن ما
قام به البغاة في غزة كانت آثاره الضارة عظيمة لما كان من غزو يهود لها ،
وما ترتب عليه من آلام وأحزان وهدر مقدرات ، قال الإمام أحمد :" الفتنة إذا
لم يكن إمام يقوم بأمر الناس" هذا من جهة ومن أخرى فهذا المعتصم في الدولة
العباسية كان يدعى بأمير المؤمنين ، فجاء فقهاء بغداد إلى الإمام أحمد
فقالوا : هذا أمر قد تفاقم وفشا ، نشاورك في أنا لسنا نرضى بإمرته ولا
سلطانه ، فقال:
عليكم بالنكرة في قلوبكم ولا
تخلعوا يدا من طاعة ولا تشقوا عصا المسلمين ، والأمثلة كثيرة بشأن الأئمة
والحكام والسلاطين أيها البغاة ، إن الأمر غريب وعجيب لأن ما حصل في غزة
جريمة شرعية ومخالفة علمية بدعية ، لكل ما ورد من تراث المسلمين الداعي إلى
درأ المفاسد وسد الذرائع والعمل على تحقيق المصلحة العامة قبل المصلحة
الخاصة ، إن ما حدث في غزة ترتب عليه مفاسد عظيمة وأعظمها ما تقدم
ذكره بداية الحديث عن الآثار الفقهية وكأن القائمين بالبغي لا يعرفون عن
الإسلام شيئا ، إذ قال رسول الله :" من اقتطع حق امرأ مسلم بيمينه – لم
يقل بسلاحه ولا باستعلائه إرهابا وترويعا – حرم الله عليه الجنة وأوجب له
النار ، قالوا : يا رسول الله وإن كان شيئا يسيرا ؟ قال : وإن كان قضيبا من
أراك وإن كان قضيبا من أراك وإن كان قضيبا من أراك قالها ثلاثا" أخرجه/
الدارمي ومالك واللفظ له وأحمد والنسائي.
وأحاديث حرمة قتل المسلمين وتكفيرهم وسبهم وتعذيبهم وترويعهم وتضيق طرقهم
وقطعها وهدم بيوتهم واغتصاب أملاكهم والتفريق بينهم وتتبع عوراتهم معلومة
وكل ذلك فعله البغاة في غزة ، ولا نقول بعصمة من سبقهم في الحكم فعليهم ما
عليهم من المآخذ التي أنكرناها عليهم في حينه ، بل وحذرنا من استشرائها
وعظم أمرها ولقينا في سبيل ذلك ما لقينا وكان الجميع - إلا من عصم الله -
واقفا موقف المتفرج في صمت رهيب ، ولكن أولئك الذين أنكرنا عليهم ما سبق
ذكره لم يقتلوا من الناس مثل ما قتل البغاة من النفوس ولا أراقوا الدماء
ولا هشموا الأطراف ولا عذبوا ولا سجنوا ولا روعوا ولا هدموا المنازل على
أهلها ولا نهبوا مؤسسات الأمة وإن كان فيهم من فعل ذلك لكنه فعله في سر
بعيدا عن أعين الناس بينما فعله البغاة تحت الأضواء وفي وضح النهار بل لا
زالوا يفعلونه وكل ما ذكر من شأن السابقين لهم في الحكم فلا والله ولا
بالله ولا تالله ما ارتقى إلى جرائم هؤلاء البغاة (
الخوارج على الأمة والحاكم) بل لم يبلغ عشر معشاره ، فما
أجرأكم على الله تعالى أيها البغاة إذ فعلتم ما فعلتم من أجل الحزبية
الصنمية أما سمعتم رسول الله يقول :"لو أن أهل السماء والأرض اشتركوا في
دم مؤمن لأكبهم الله في النار" أخرجه/ الترمذي وأشار العلماء إليه بالصحة
وقريبا منه عند البيهقي بالصحة كذلك ، وقوله :"
يأتي المقتول معلقا رأسه بإحدى يديه متلببا قاتله –ممسكا
بطوق رقبته- باليد الأخرى تشخب أوداجه دما حتى يأتي به العرش فيقول المقتول
لرب العالمين -- هذا قتلني ، فيقول الله للقاتل : تعست ويذهب به إلى
النار " أخرجه/ الترمذي والهيثمي عنه والطبراني ورجاله رجال الصحيح وأشار
العلماء إليه بالصحة ، وقد تقدم قول الخطابي في المسلمين إذا التقيا
بسيفيهما يريدان التقاتل ، ومعلوم في حكم شريعتنا الغراء حكم قطاع الطرق
واللصوص والبغاة وغيرهم ...
ممن يؤذون المسلمين
إذ لا دية لما أصاب أحدهم حال قتالهم أو قتلهم لأن الأصل كما يعلمه أهل
الاختصاص من فقهاء الأمة العاملين الموثوق بفقههم وفتاهم أن التعامل مع
المسلمين يكون على قاعدة البراءة الأصلية إذ أن الأصل في كل من وجد على أرض
الإسلام يحكم بإسلامه إذا كان قد نطق بكلمة التوحيد –لا إله إلا
الله محمد رسول الله- وأتى بالتكاليف الشرعية أو أقر بها ولم ينكرها فلا
يحل لأحد آنذاك أن يرميه بالكفر أو بالردة دون دليل فيه من الله برهان –وقد
تقدمت قواعد التكفير عند أهل السنة- بل لا يحل ولا يصح قتاله ولا الاعتداء
على نفسه أو ماله أو نسائه أو ذريته وبقاء ذلك على أصل العصمة إلا بعذر
شرعي كما سيأتي ، ومن هنا فإن على الخارجين (البغاة على الأمة وحاكمها في
غزة) أن يعلموا حكم بغيهم في إطار الشرع الحنيف وعلى الحاكم أن يحكم فيهم
شرع الله كما يلي :
أولا: أن للإمام – الحاكم- حل مقاتلة البغاة إذا قاتلوه بقصد ردهم إلى سياج
الأمة وحياضها ولا يتعمد قتلهم لأن القصد من قتالهم ردهم إلى الطاعة
وإدخالهم في الجماعة ودفع شرهم وتأمين الأمة من خطرهم وإبعادهم عن هوى
شياطينهم ، فإن رجعوا كان بها وإلا واصل قتالهم حتى يفيئوا ، والأمة من
ورائه ، كما أمر الله تعالى .
ثانيا : أن للإمام – الحاكم – حل عدم
مهادنتهم وموادعتهم ، فإذا ضعف عن مقاتلتهم ومقاومتهم انتظر حتى يتمكن من
ذلك .
ثالثا:أن للإمام –الحاكم– حل النظر في
أمرهم إذا علم منهم تأويلا صحيحا لخروجهم عليه أرسل إليهم من يفهم خروجهم
ويحاججهم،فإن علم منهم مظلمة صحيحة أبلغ الحاكم بها ليزيلها عنهم وإن كانوا
في شبهة جلاها لهم .
رابعا : عدم حل مقاتلة الإمام – الحاكم –
للبغاة بما يتلفهم حقيقة أو يسبب هلاكهم وإنما يكتفي بما يردهم ويعيقهم
فإن رجعوا كان بها وإلا فمقاتلتهم وقتلهم حلال صحيح حتى لا تبقى لهم فئة
يأوون إليها ، فإن اعترضت الفئة قاتلهم كما يقاتلهم .
خامسا : حل مقاتلة أهل العدل للبغاة من
ذوي الأرحام وقتلهم حق لأنه أشبه بإقامة الحد،ومع ذلك لا يقصد إليه.
سادسا: حل إقامة الحدود للإمام - الحاكم
– على أهل البغي إذا ارتكبوا حال امتناعهم وخروجهم عليه ما يوجب الحدود ثم
قدر عليهم أقيمت فيهم حدود الله تعالى ولا تسقط تلك الحدود باختلاف الدار ،
وبهذا قال مالك في إحدى الروايتين عنه والشافعي ومنعه الجمهور .
سابعا: للإمام – الحاكم – حل مقاتلة
البغاة وقتلهم إذا لم يمكن دفعهم إلا بالقتل بعد استنفاذ الوسائل في طردهم
فهم آنذاك كقاطع الطريق والصائل حل قتالهم وقتلهم - دون تكفير لهم إلا إذا
استحلوا معلوما من الدين بالضرورة - ، وبقي المال والذرية على أصل العصمة
كما سيأتي لاحقا .
ثامنا: هناك أحكام أخرى لتعامل الإمام –
الحاكم – مع البغاة حال خروجهم عليه تدرك في مظانها من كتب الفقه وكتب
الفتن ، قال ابن تيمية :" والذين يقولون بقتال البغاة المتأولين يقولون إن
الأمر بقتالهم لدفع ضرر بغيهم لا عقوبة لهم بل للمنع من العدوان"اهـ .
(قلت): كما ذكرنا آنفا . وقال ابن قدامة :" ولأن قتال البغاة هو لدفعهم
وردهم إلى الحق – (قلت): وذلك ما عليه أهل السنة والجماعة من عدم الخروج
على الحاكم وإن كان جائرا أو فاسقا إذا كان ما يقدم عليه البغاة يؤدي إلى
فتنة أكبر – لا لكفرهم فلا يستباح منهم إلا ما حصل لضرورة الدفع كالصائل
وقاطع الطريق وبقى حكم المال والذرية على أصل العصمة "اهـ. (قلت): كما تقدم
.
من هنا فإن البغاة في غزة عليهم أن يلتزموا أحكام الإسلام ما داموا
يعتقدونه وفي دائرته ولا يظهروا ما يسيء إليهم وإلى حركتهم ويكشف سدول
خفاياهم ويميط اللثام عن سوء نواياهم فهم ليسوا وحدهم على الساحة وليسوا هم
مجموع الأمة ولا ملاك الوطن إلا إن كانوا اشتروه على حين غفلة من أهله وهم
لا يعلمون !! وقديما قالوا : الرجوع إلى الحق أولى من التمادي في الباطل
وما أقدموا عليه باطل في كله لا في جزئه ، في إطار ما فعلوا!!
وفي إطار ما تقدم فإن الدولة مطالبة بتطبيق حكم الله في هؤلاء البغاة وعدم
الحيد عنه وإعمار الممتلكات العامة كالمؤسسات وغيرها والخاصة كالبيوت
والدكاكين التي خربتها أيدي أولئك البغاة واسترداد المال العام والخاص من
بين أيديهم وكذا استرداد الأثاث وأجهزة المكاتب وفرشها المختلفة لأنهم في
حكم اللص يسترد منه المسروق إن وجد في حوزته إن قدر عليه لما جاء عن علي
أنه يوم الجمل قال:"من عرف شيئا من ماله مع أحد فليأخذه ".أخرجه/ابن قدامة ،
وكذا شأن السيارات وغيرها من أمتعة عامة وخاصة .
وأما بالنسبة لرابعا: وهي الفتوى في الآثار الأخلاقية التي أحدثتها فتنة
البغي :
لقد أعطى هؤلاء البغاة مثل السوء لعدوانهم اللا أخلاقي ، وفي عدم التزامهم
بمبادئ الإسلام ، بل وفيما يدعونه مبادئ حركتهم ، وأنهم لا يرقبون في مؤمنٍ
إلا ولا ذمة ، ولربما رقبوا ذلك في كافر أو مشرك كما في "الجندي شاليط" ،
وما صدر من قادة حركتهم وأفرادهم العاديين يشير إلى حقارة الأخلاق وفظاظة
السلوك وفظاعة الألفاظ والنظرة الدونية لغيرهم وذلك أكبر دليل على الإساءة
لمن خالفهم ، فكم رجلٍ من أهل السنة قذفوه وسبوه ، بل وضربوه واستهزءوا به ،
ولعنوه أو سجنوه وربما قتلوه !!!(-----) ، بل استهزءوا بالسنة نفسها
والذين يطبقونها وما ذلك ببعيد عنهم فقد كتب ذلك أعلام فكرهم الأسود
الممقوت وما جاء به كتاب (الدعوة فريضة شرعية وضرورة بشرية) الذي صدر في
عمان طبعة جمعية عمال المطابع التعاونية سنة 1978م باسم "صادق أمين" وفي
الباب الثاني – المبحث الثاني من الفصل الثاني عندما يتكلم عن السلفيين
صفحة 71 يقول :"
يعتقد السلفيون أن سبب ذل
المسلمين هو اختلافهم في فهم الإسلام وتعصبهم وجمودهم على آراء المذاهب
الفقهية ثم تناحرهم في كثير من الفترات وتقاتلهم أحيانا بسبب الخلافات
المذهبية فالسلفية والحال هذا هي منهج لاستنباط الأحكام الفقهية من القرآن
وما صح من السنة وهي لا تكون حركة ذات منهج في التربية والتكوين والتخطيط
وليس لديهم أهداف مرحلية محددة كما لا يوجد عندها تنظيم يربط أفرادها .
تقتصر الدعوة السلفية على جمهور المتدينين ، بل على عدد محدود من هؤلاء ،
ويبذل دعاتها وقتا وجهدا كبيرين في الدعوة إلى فرعيات ليس من مصلحة الدعوة
الإسلامية الاشتغال بها والتركيز عليها في وقت يواجه فيه الإسلام حربا شرسة
لاجتثاثه من الجذور ، فليس أمرا مقبولا أن تحدث الناس عن الآراء المتعددة
حول الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الآذان أو إقامة ضجة حول سنة
الجمعة القبلية وعدد درجات المنبر أو وجود ساعة الحائط في المسجد
باعتبارها بدعا ، بينما الإسلام الفعلي غير موجود على الأرض ، وأن خوضهم في
هذه الخلافيات وإطالتهم الوقوف عندها أدى إلى الجفاف الروحي لدى أفرادهم
إلى جانب استنزاف جهدهم وجهود غيرهم واختلاف قلوبهم مع غيرهم وهم يعلمون
أنه لو أمضوا دهرا لما أنهوا مسألة خلافية واحدة ، ومما يؤخذ على بعض
أفرادهم عدم تأدبهم مع الأئمة الكرام وتطاولهم عليهم "اهـ. (قلت) : لقد نسي
هذا الصادق أن رسول الله قال:" يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون
عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين" أخرجه/ التبريزي ،
وقال القسطلاني: رواه من الصحابة علي وابن عمر وابن مسعود وابن عباس وجابر
بن سمرة ومعاذ وأبو هريرة ، وهو أيضا عند ابن عدي من طرق أخرى كلها صحاح
والدارقطني وأبو نعيم عن غير واحد من الصحابة وصحح العلائي بعض طرقه
والبيهقي وابن وضاح وابن القيم وقواه لتعدد طرقه وابن الوزير واستظهر صحته
أو حسنه وصححه أحمد وابن عبد البر .
قال النووي:" هذا إخبار منه
بصيانة هذا العلم
وحفظة وعدالة ناقليه وأن الله يوفق له في كل عصر خلفاً من العدول يحمونه
وينفون عنه التحريف فلا يضيع "اهـ. إن أغرب الغرائب في زماننا أن ترى أصحاب
البدع يرمون أهل التقى والصلاح عن قوس واحدة بأنهم هم من يعيق مسيرة
الإسلام وهم يعلمون أيضا أن الله جل شأنه جعلهم وعاة دينه السائرين على
طريق السلف فاعلوا بذلك راية التوحيد الحق وطمسوا ظلامات البدع
وحفظوا متون العلم ونشروا لواء السنة المطهرة ، بل يمكن أن يقال من هم
أعلام السنة المطهرة اليوم؟ هل هم أهل الحزبية ودعاة الفرقة وبذار الفتنة؟
وهل الإسلام إلا السنة كما قال البربهاري :"
اعلم
أن الإسلام هو السنة ، والسنة هي الإسلام ، ولا يكون أحدهما إلا بالآخر" ،
بل قال أحمد من قبل:" أصول السنة عندنا: التمسك بما كان عليه أصحاب رسول
الله والاقتداء بهم" ، ولم لا ؟ وهذا الشافعي يقول لأحمد :" أنتم
أعلم بالحديث مني ، فإذا جاء الحديث صحيحا فأخبرني به ، حتى أذهب إليه سواء
كان حجازيا أم كوفيا أم مصريا " ، وقد قال أهل الحكمة :" لا يعرف الفضل
لأهله إلا فاضل" ، فالإسلام أيها الصادق ليس البدع والتخليط والمداهنة ،
قال الحسن البصري:"
سنتكم والله الذي لا إله
إلا هو بينهما: بين الغالي والجافي ، فاصبروا عليها رحمكم الله ، فإن أهل
السنة كانوا أقل الناس فيما مضى وهم أقل الناس فيما بقي ، الذين لم يذهبوا
مع أهل الأتراف في أترافهم ، ولا مع أهل البدع في بدعهم ، وصبروا على سنتهم
حتى لقوا ربهم ، فكذلك كونوا إن شاء الله" ، وقال عمر بن عبدالعزيز
:" ألا لا سلامة لإمرأ في خلاف السنة" ، وقال:" فإن السنة إنما سنها من قد
علم ما في خلافها من الخطأ والزلل والحمق والتعمق " ، وقال :" سن رسول
الله وولاة الأمر من بعده سننا الأخذ بها تصديق لكتاب الله ، واستكثار
لطاعة الله ، وقوة على دين الله ، من اهتدى بها فهو المهتدي ، ومن استنصر
بها فهو المنصور ، ومن خالفها ؛ إتبع غير سبيل المؤمنين ، والله تعالى يقول
:"
...نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ
جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً" (النساء:115) ، وقال الزهري:"
كان من مضى من علمائنا يقولون الاعتصام بالسنة نجاة " ، وقال مالك:" السنة سفينة نوح من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها غرق" ،
وقال الأوزاعي:" عليك بآثار من سلف ، وإن رفضك الناس ، وإياك وآراء الرجال
وإن زخرفوه لك بالقول " ، وقال:" اصبر على السنة ، وقف حيث وقف القوم ، وقل
ما قالوا ، وكف عما كفوا عنه ، اسلك سبيل سلفك الصالح فإنه يسعك ما وسعهم "
، وقال ابن المبارك:" ... وإلى الله نشكو عظيم ما حل بهذه الأمة من ذهاب
العلماء وأهل السنة وظهور البدع " ، وقال:" لا يظهر على أحد شيء من نور
الإيمان إلا باتباع السنة ومجانبة البدعة ، وكل موضع يرى فيه اجتهادا ظاهرا
بلا نور ، فاعلم أن ثمة بدعة خفية " ، وعندما تكلم عن الطائفة المنصورة
أيها الصادق لم يقل إنها حزب كذا أو كتلة كذا أو حركة كذا أو جماعة كذا بل
بينها أصدق بيان وكذا بينها علماء السنة المطهرة المعتد بقولهم فقال :"
لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا
يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس "
أخرجه/ أحمد ومسلم واللفظ له والطبراني وأبو نعيم بلفظ فيه اختلاف ، قال
النووي:" وأما هذه الطائفة فقال البخاري : هم أهل العلم ، وقال أحمد بن
حنبل : فإن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم ، قال القاضي عياض: إنما
أراد أحمد أهل السنة والجماعة ومن يعتقد مذهب أهل الحديث ... وفي هذا
الحديث معجزة ظاهرة فإن هذا الوصف ما زال بحمد الله تعالى من زمن النبي
إلى الآن ولا يزال يأتي أمر الله في الحديث "اهـ ، وقال علي بن المديني :"
هم أهل الحديث والذين يتعاهدون مذهب الرسول ويذبون عن العلم لولاهم لم تجد
عند المعتزلة والرافضة والجهمية وأهل الإرجاء والرأي شيئا من السنة " اهـ ،
(قلت): ولا أظن أن الذي يقوم بأمر الله تعالى وهو أولى به إلى قيام الساعة
إلا من قال الله تعالى فيهم :"
مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ
فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا
بَدَّلُوا تَبْدِيلاً" (الأحزاب:23) ، فكل ما أصاب الإسلام أيها
الصادق وقد أفضيت إلى ربك يرحمك الله لم يصبه من قبل التزام أهل السنة
السائرين على طريق السلف –السلفيون- بالتزام السنة بدقائقها وحقائقها
وتطبيقها وسيرهم تحت رايتها ، ومقاومة البدعة بشؤمها وشناعتها ، بل إن ما
أصاب الإسلام اليوم لم يصبه إلا من قبل أصحاب البدع والأهواء والضلالات ،
لأن أكبر تلك البدع اليوم هي بدعة الحزبية التي حرص أهلها عليها ، فمن
أجلها خاصموا وصالحوا وأحبوا وأبغضوا وأعطوا ومنعوا ، قال الشيخ محمد حسين
الذهبي –الذي قتله أهل الحزبية التكفيريون- :"
وهل
ضل المسلمون إلا يوم أن تعصبوا للهوى وجمد كل على رأيه وكانوا شيعا
وأحزابا كل حزب بما لديهم فرحون" اهـ. فانظر إلى أدب السلف الصالح حتى وهم
يتقاتلون كما قال ابن تيمية :" ولهذا كان السلف مع الاقتتال فيما
بينهم يوالي بعضهم بعضا موالاة الدين لا يعادون بمعادة الكفار ، فيقبل
بعضهم شهادة بعض ويأخذ بعضهم العلم عن بعض ويتوارثون ويتعاملون معاملة
المسلمين " اهـ، بل انظر إلى أصحاب النبي حيث جاء :" كان أصحاب رسول
الله يتبادحون بالبطيخ فإذا كانت الحقائق كانوا هم الرجال " أخرجه/
البخاري في الأدب وصحح ، فما أعظم أولئك الرجال الذين ترفعوا بدينهم فرفعهم
واعتزوا بأمتهم فأعزهم الله تعالى ، ولن أطيل الوقوف ولا التعليق على ما
سبق ، وسأختصر ذلك في عبارة يشهدها القاصي والداني في حق هؤلاء الناس كما
قـال الحكيم :"
رمتني بدائها وانسلت" فهذا حال
أساتيذهم الذين أرضعوا الأتباع لبان الحقد على كل من ليس على دربهم ولم
يأخذ بفكرهم حيث يقول الأتباع لأهل السنة : إنا لنبغضكم أكثر من
العلمانيين ، وإذا كان إقصاء علماء السنة من المعاهد والجامعات التي
يديرونها حقيقة لا مجال لتغطيتها إلا أن يكون من بتلك الجامعات ملونٌ
بلونهم قائمٌ بفكرهم مسبحٌ بحمدهم يطوف حول صنمهم الحزبي ويتغنى بفكرهم
الحركي والمساجد والمدارس والمعاهد والجامعات والمؤسسات الأهلية والحكومية
خير شاهدٍ بذلك، فهم دائما ولهم في ذلك مهارة خاصةٌ خارقةٌ ينقلون بها
الناس من دائرة الإسلام العظيم إلى دائرة الحزب اللئيم العقيم ، وربما يقول
متقول منهم إن ذلك غير صحيح !!! وأرده إلى صورة موثقة لكتابٍ وجه إلى أحد
الأتباع لأنه أخل بمبادئ الحركة لكونه يريد أن يعيش الإسلام كما هو بكله
دينا وأمة ووطنا فهذا كتاب (
الجماعات الإسلامية
في ضوء الكتاب والسنة) الذي كتبه "سليم الهلالي وزياد الدبيج" صفحة
104 وما بعدها وقد أشير فيه إلى ما قرر بخصوص أحد المسلمين المنتمين إلى
جماعتهم –جماعة الإخوان المسلمون- في حينه وما اتخذ ضده لأنه تردد على
الشيخ الألباني – يرحمه الله – آنذاك لينهل من علمه ويدعو الناس إلى مجلسه
وقد أُورد في الكتاب صورة لرسالة الهيئة الإدارية لشعبة الزرقاء – الأردن
موقعة باسم نائب الشعبة بتاريخ 13/6/1395هـ-11/7/1975م لما ناقشوا ذلك
المسلم ورفض أن ينتهي عما نهي عنه اتجاه الشيخ الألباني وفيه نصا :"فإنه
على ضوء الجلسة التي عقدت بين الهيئة الإدارية وما دار فيها من نقاش حول ما
قمت به بالنسبة لدعوة الشيخ ناصر الدين الألباني حفظه الله لمدينة الزرقاء
ودعوة الناس للاستماع إليه رغم علمك بأن هذا مخالف لأوامر الجماعة التي
أعطيت لها البيعة على السمع والطاعة في المنشط والمكره وإن خالف رأيك
الشخصي ، ثم إنك طلبت من الهيئة الإدارية بعد أن وضحت لك معنى الولاء
والطاعة لقيادة الإخوان المسلمين وأنه لا يجوز لك أن ترتبط بأكثر من جهة
بالنسبة لإعطاء الولاء ، ثم إنك بعد هذا النقاش
الطويل أظهرت بلسان حالك أنك لا تستطيع قطع علاقتك بالشيخ ناصر مهما كان
الأمر ، ثم إنك طلبت من الهيئة الإدارية في جلستها بتاريخ 29/5/1395هـ وفق
8/6/1975م إمهالك لمدة غير محددة من الزمن للتفكير بين التزام أوامر قيادة
الإخوان المسلمين والعمل معها فحسب وبين اتباع الشيخ ناصر والعمل معه ، وعلى إثر طلبك هذا فإني أود أن أبلغك قرار الهيئة الإدارية لشعبة
الزرقاء بالموافقة على طلبك هذا وبناء عليه فأنت في نظر الهيئة الإدارية
خلال هذه المدة فاقد لعضويتك في جماعة الإخوان المسلمين حتى يفتح الله عليك
وترجع لتعلن ولاءك لقيادة هذه الجماعة من جديد وعندها تعود لك العضوية إن
شاء الله ". ومن عجيب أمر تلك الرسالة فقد جاءت بتسع نقاط بينت فيها الهيئة
الإدارية لشعبة الزرقاء الأسباب الداعية لإيقاف عضوية :"محمد عبد حسن"
الملقب "ياسين" وسأذكر إيجازا نصيا من بعض تلك النقاط فقد جاء في :
ثالثا:" يعلم الأخ ياسين حفظه الله جيدا
أن قيادة الإخوان المسلمين قد عممت على جميع الإخوان العاملين في الأردن
عدم دعوة الشيخ ناصر الدين الألباني حفظه الله إلى بيوتهم وكذلك عدم دعوة
الناس للاستماع إليه وذلك لأسباب هي أعلم بها من الأعضاء ... ".
وأما في سابعا :" وبسؤالك أمام الهيئة
الإدارية عن أسباب ارتكابك لهذه المخالفات كانت إجاباتك كما تعلم :"أن دعوة
الشيخ ناصر الدين إلى بيتك لا اعتبرها مني مخالفة لأمر قيادة الإخوان
المسلمين لأن دعوة الشيخ ناصر إلى بيتي اعتبرها طاعة للكتاب والسنة ..." .
وأما ما جاء في ثامنا :" على ضوء ما تبين
للهيئة الإدارية في شعبة الزرقاء من إصرارك على مخالفة أوامر الجماعة
ودفاعك عن الخطأ في فهمك لمعنى الولاء والطاعة لقيادة الجماعة بدلا من
الرجوع عنه وبما أن هذا الموقف الذي تقفه أنت الآن بالنسبة لفهمك الخاطئ
لمعنى الولاء والطاعة وهو مخالف لأبسط قواعدهما بالنسبة لقيادة الجماعة
ومخالف لأبسط مقتضيات التنظيم وأنت لازلت كما فهم من لسان حالك على استعداد
لاستقبال الشيخ ناصر ودعوة الناس إليه إذا ما حضر مرات ومرات ..."
وقد
جاء في تاسعا :" وعلى ضوء هذا
البيان للنقاط الآنفة الذكر ولما دار بينك وبين الهيئة الإدارية في شعبة
الزرقاء ومن مناقشات حول موضوع الطاعة والولاء وموضوع الشيخ ناصر الدين
حفظه الله ، وبما أن بقاءك على هذا الحال من المخالفة الصريحة لمعنى السمع
والطاعة لأوامر جماعة الإخوان المسلمين وبما أن بقاء العضو في الجماعة على
هذا الحال من المخالفات يشكل خطرا على التنظيم وعلى سلامة التكوين في بناء
الجماعة المسلمة فإن الهيئة الإدارية لشعبة الزرقاء قد قررت تجميد نشاطك
كعضو عامل في هذه الجماعة مدة ستة أشهر وبهذا تصبح غير مكلف بحضور أي
اجتماع ... ونسأل الله أن يفتح بيننا وبينك بالحق وأن يهدنا إلى الصراط
المستقيم ... "اهـ. (قلت) : وفي هذه النقاط وفي التاسعة منها خصوصا العبارة
الشافية الكافية لأمر هذه الجماعة اتجاه المسلمين جميعا وعلى الخصوص أهل
السنة منهم ، إذ أنهم يوادون الملحدين –كالبعثيين والشيوعيين- والصليبيين
والعلمانيين والمنافقين ويستمدون النصرة والمنعة منهم .
وأما
بالنسبة لخامسا : وهي الفتوى في
الآثار الاجتماعية التى أحدثتها فتنة البغي :
وبناءاً على ما تقدم فإن ذلك كله طبع البغاة وأتباعهم على معاداة الغير
وعدم حبهم وما حدث على أرض الواقع في غزة من فتنة البغي (
الخروج على الأمة وحاكمها) لخير شاهدٍ لأن
الخبر ليس كالمعاينة وأن كل ما يسطر وينظر على صفحات الكتب شيء والواقع
الممارس عند هذه الجماعة شيء آخر وذلك يحقق قول القائل : إن أزمتنا في
زماننا هذا أزمة أخلاق ، إي والله !! لأن الأخلاق في حد ذاتها بالنسبة
للمسلم المؤمن هي ثمرة العبودية والعبودية ثمرة العقيدة وما حدث لا يمت
للعبودية ولا للعقيدة بشيء لأنه مجرد طقوسٍ مغلفةً بالنفاق – كما يقول
الصادق :ورق سلفانا- وصدق من قال :
نحن في زمان
حكمته تقول: تملق - نافق - وتسلق فما حدث إذن بين أبناء الشعب
الفلسطيني أبناء المجتمع الواحد بفعل فتنة البغي قطع كل آصرة وأذهب كل
رابطة وأوجد كل واجفة بل يمكن أن يقال قطع الوشائج الاجتماعية وفسخها ومسخ
الروابط ومزقها وضرب النسيج الاجتماعي وفكك الجبهة الداخلية كالمريض الذي
لا يتداعي عضو فيه لعضو وما بذلك أمرت أمة الإسلام حيث خاطبها ربها جل شأنه
بالوحدة والاجتماع والاعتصام وترك الفرقة والتنازع وكذا كان توجيه رسول
الله بأن يكون المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وكذلك يكون المؤمنون
في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد - الواحد -
إذا
اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر ، لأن الأمة هي العمق
الطبيعي لأي حركة أو تنظيم أو حزب مهما كبر ، بل إن واجب الدعاة إلى الله
أن يدلوا الأمة على الاجتماع على دينهم فيدخلونه أفواجا بدل أن ترى زرافات
الأمة ووحدانها أخلاقهم وسلوكياتهم المنفرة فيخرجون من دين الله أفواجا ، وأعجب ما تقرأ وقد لا تصدق ما حدث من صور العداء في غزة بين الآباء
والأمهات من جهة وأبنائهم البغاة من جهة وكذا بين الأخوة والأخوات من جهة
وبين أخوانهم وأخواتهم البغاة من جهة أخرى ففي البيت الواحد تسمع أو ترى
أحد البغاة يقول لأبيه عندما اختلف معه
ملفك عندي) لأن أباه من فتح وهو من
حماس ، ويقول آخر من البغاة لأبيه أيضا لما اختلف معه :" والله لأربيك " ،
وكذا ما حدث بين الأقارب في العائلة الواحدة
نتيجة لفتنة البغي فحدث ولا حرج وكأنها حرب بين كفر وإيمان أو بين طاعة
وعصيان فلا أيها الحزبيون وألف لا ، الفيصل بين الأمة وبينكم كتاب الله
وسنة رسوله وهدي السلف الصالح إذ ما هكذا ترد الإبل يا حزبيون .